أيام قليلة تفصلنا عن ثاني أكبر الأحداث الرياضية الدولية وهو الأولمبياد الخاص بذوي الإعاقة الذي سيقام من 24 آب حتى 5 أيلول القادم في العاصمة اليابانية طوكيو، بعيد انتهاء الألعاب الأولمبية الصيفية 2020.

وكانت اللجنة البارالمبية الدولية قد أعلنت عن أسماء فريق اللاجئين الذي سيشارك في أولمبياد طوكيو، بعد أن تم اختيارهم من بين عشرات الرياضيين اللاجئين، حيث سيضم الفريق 6 لاعبين منهم 3 لاجئين سوريين!

“أسبح من أجلهم جميعاً”

قطع إبراهيم الحسين البالغ من العمر 33 عاماً طريقاً طويلاً مليئاً بالعقبات والتضحيات في طريقه ليصبح لاعباً بارالمبياً. بدأ السباحة في سن الخامسة في نهر الفرات، الذي يمر بمدينته دير الزور شرقي سوريا، ومنذ ذلك الحين صار يحلم بأن يكون سباحاً أولمبياً.

في عام 2012، خرج حسين لمساعدة صديق أطلق عليه قناص النار، لكنه أصيب في انفجار قنبلة، وبُترت ساقه اليمنى إثر الحادث. وفي عام 2014، قام برحلة لجوء خطيرة إلى اليونان على متن قارب مطاطي يحمل 80 شخصاً، كان حينها يستعين بكرسي متحرك.

وعلى عكس العديد من اللاجئين مكث إبراهيم في اليونان، بعد أن وفّر له طبيب يوناني طرفاً صناعياً دون مقابل، ثم حصل على وضع اللاجئ في عام 2015، مما ساعده بالعثور على عمل والاعتماد على نفسه. وفي حديث لوكالة رويترز يقول الحسين: “أنا لا أسبح لنفسي، هناك حوالي 80 مليون لاجئ في العالم، أنا أسبح من أجلهم جميعاً”.

“لا تبقين داخل منازلكن”

أثينا هي أيضاً الموطن الحالي لـ علياء عيسى، التي غادر والدها سوريا إلى اليونان في عام 1996 بحثاً عن حياة أفضل لعائلته، ولدت علياء في اليونان بعد ذلك بوقت قصير في العام 2001.

عندما كانت علياء في الرابعة من عمرها، أصيبت بداء الجدري ودخلت المستشفى، تسببت الحمى الشديدة في تلف دماغها، جعلتها تقضي ما تبقى من حياتها على كرسي متحرك وتعاني صعوبة في الكلام.

في عام 2017، التحقت بمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث لاحظ أحد أساتذتها شغفها وقوتها، فقام بتسجيل اسمها بنادي الرماية، الأمر الذي أثار إعجابها كثيراً. نظام النادي متخصص في تعليم رماية عصا شبيهة بدبوس البولينج، مصنوع من الخشب، والرياضيون الجالسون على كرسي متحرك يرمون العصا للأمام أو للخلف أو حتى جانباً حسب إعاقتهم وقدراتهم الجسدية.

تقول علياء، بصفتها أول لاعبة بارالمبية لاجئة، إنها تحمل رسالة خاصة للنساء ذوات الإعاقة وتبعثها لهن من طوكيو: “لا تبقين داخل منازلكن، كن نشيطات، سيمنحكن ذلك استقلاليتكن وإمكانية للاندماج في المجتمع”.

“يجب أن تؤمن بنفسك”

من الحرب في سوريا إلى الغربة واللجوء في ألمانيا ثم الإصابة بشلل في الأطراف السفلية، يبدو وكأن مصاعب الحياة تثقل كاهل الشاب أنس الخليفة، لكنه رفض أن يستسلم لها.

كان أنس شاباً يافعاً في مقتبل العمر عندما انتقل للعيش في أحد المخيمات على الحدود التركية-السورية، حيث أقام لمدة عامين قبل أن يقرر الرحيل باتجاه تركيا في عام 2014 ومن ثم إلى اليونان فألمانيا.

عمل أنس في تركيب الألواح الشمسية على الأسطح، واستمر في هذه المهنة قرابة عامين حتى ذلك اليوم الماطر المشؤوم من عام 2018، حيث كان يعمل في مبنى مؤلف من طابقين عندما انزلق وسقط على الأرض، مما تسبب في إصابة بالنخاع الشوكي أدت إلى شلل في أطرافه السفلية، خضع بعدها لعدة عمليات جراحية وإعادة تأهيل لمدة سنة ونصف.

شعر أنس بالوحدة والغربة بعيداً عن أسرته، لكن الطبيبة والمعالجة الفيزيائية حفزته وحاولت إقناعه أكثر من مرة بممارسة رياضة التجديف التي تعتمد على قوة الذراعين. أنس الذي لم يكن يمارس هذه الرياضة من قبل، بدأ بتعلمها من باب الهواية، فاستمرت معه إلى أن أوصلته إلى طوكيو، بعد أن تدرب لمدة ستة أشهر بمعدل ثلاث ساعات يومياً وبشكل مستمر ومنتظم.

يدعو أنس كل شخص إلى أن يؤمن بنفسه: “لأنك عندما تؤمن بنفسك ستصل إلى المرحلة التي تريد الوصول إليها”.

يُذكر أن فريق اللاجئين البارالمبي يضم أيضاً 3 لاجئين من جنسيات مختلفة وهم لاعب تايكوندو لاجئ من بوروندي مقيم في أحد مخيمات راوندا، وسباح أفغاني ولاعب ألعاب قوى إيراني لاجئان في الولايات المتحدة الأميركية، ويمثل هذا الفريق 82 مليون شخص حول العالم ممن فرّوا من بلدانهم بسبب القمع والحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، و12 مليوناً من ذوي الاحتياجات الخاصة.

المصدر: أخبار الأمم المتحدة.